"تنويعات على مقام أكتوبر"
-----
لا علاقة لي، لا من قريب ولا من بعيد بشهر أكتوبر، إلا أنني أجبرت أن أكون مقترنا به ومقترنا بي غصبا عني وعنه، وتصالحا على ذلك بعد أن سكن في ذاكرة الناس بحدثيين عالميين
ثورة أكتوبر
وحرب أكتوبر
ولكن أكتوبر عند صائدي الجوائز صار يعني موسم جوائز نوبل التي تفتح موسمها بالطب وتنهيه بالسلام، حيث لا حرب حقيقية ولا سلام صريح.
الآن صار أيضا مرتبطا بجوائز كتارا.
هذه الحفاوة بأكتوبر جعلتني - بدافع الفضول - بعد أن تزايدت حصيلتي من الأحداث التي ترتطم بأحد أيامه، أن أفتش في ملفه السري الذي يعرفه العالم ولا أعرفه أنا.
فأكتشفت أن البشرية نامت في مثل هذه الليلة مساء 5 أكتوبر الذي كان يوافق يوم جمعة في عام 1582م ليستيقظوا يوم الجمعة ولكنه بتاريخ 15 أكتوبر 1582م.
فاقدين 10 أيام من تاريخهم.
وحدث كل هذا لأن بابا روما غريغوريوس الثالث عشر لاحظ أن يوم الاعتدال الربيعي وقع في 11 مارس بدلاً من 21 مارس، بفارق عشرة أيام، فكلف الراهب اليسيوس ليليوس ليقوم بتعديل التقويم اليولياني، فقلب التاريخ رأسا على عقب.
هذا الموضوع المتشعب جعلني أنهمك في قراءة كتاب " النسيء" لنيازي عز الدين الذي صار على خطى الدكتور محمود شحرور، ووجدت معالجة لم يكتب لبنجاح لقلب التاريخ الهجري ليواكب الشمسي.
وبعوض فاقد الأيام بينهما، والذي كانت تعالجه العرب في الجاهلية بالنسيء.
القراءة في تاريخ التواريخ جعلتني أكتشف أن المناط بهم رصد الأشهر كانوا يزيدون يوما هنا ويوما هناك من أجل إرضاء القيصر ليكون شهره أطول من شهر سواه.
المهم أن هذه الحادثة جعلتني أشك بكل التواريخ القديمة التي تقال وتكتب وتبنى عليها قصص وحكابات، وكأنها حدث مؤكد بينما كل الشواهد تقول أنها بدلت وحولت تواريخها هذا إذا كانت حدثت فعلا.
ولكن أكتوبر ليس كله تاريخا
فالبشرية في القرن العشرين أفضت عليه جوا احتفاليا طاغيا
فصار يجمع اليوم العالمي للفتاة باليوم العالمي للمسنين، كما أنه يستوعب الأيام العالمية لغسل اليدين ، والمرأة الريفية، والقهوة.
أما على مستوى المؤسسات فهو اليوم العالمي لكل من البريد والأحصاء والإسكان والادخار.
طبيا وأجتماعيا يحتضن أيضا اليوم العالمي للتوعية من سرطان الثدي واليوم العالمي لا للعنف واليوم العالمي للصحة النفسية وكذلك الصحة العقلية.
كما أن الأم والأب والمعلم والطفل والأجد سيجدون يومهم مننظرا في هذا الشهر.
ولا يتوقف أكتوبر عن احتضان الأيام .
وبينما دول أمريكا الشمالية واللاتينية والكاريبي ومعهم اسبانيا وايطاليا يحتفلون بيوم 12 أكتوبر باعتباره يوم كولمبوس الذي اكتشف فيها أمريكا، فأن العالم أجمع يتضامن مع الهنود الحمر الذين قضوا نتيجة هذا الاكتشاف ويحتفلون بيوم الموتى في 31 أكتوبر استباقا لموعده في 1 و 2 نوفمبر.
ولجرح العرب فلسطين فأن يوم 15 أكتوبر هو يوم إعلانها استقلالها الأول عام 1948.
وكذلك الصين وأوغندا وتركمانستان وزامبيا وتركيا والفاتيكان واسبانيا وكازاخستان تحتفل بيومها الوطني في هذا الشهر.
أما عقائديا ففي هذا الشهر عيد كارفا شوت الهندوسي وعيد القدّيسين "الهالووين" ويوم الغفران اليهودي وعيد ديوالي السيخي
كما يحتفل الكوريون باختراع الهانغول الأبجدية الرسمية للغتهم الرسمية.
هذا ما فسح المجال به، وإلا فأن القائمة وتطول لتصل حد الأغذية والبحرية والحصاد.
ولكن ماالذي جمع أكتوبروأيامه الضائعة بي، إلا الضياع المبين.
كل أكتوبر
وما بعد أكتوبر
والحياة نجاح / انجاز / محبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق